تيلي سبورت : محمد بوحتة
في زمن تتصاعد فيه مطالب بعض اللاعبين بعقود مالية هائلة تصل إلى ملايين السنتيمات، يظل محسن متولي نموذجاً مغايراً يفرض السؤال الصعب: هل تُقاس القيمة الحقيقية للاعب بالأرقام أم بالأداء الميداني ؟، متولي الذي يوشك على بلوغ العقد الرابع من عمره، لا يقدّم مجرد بريق ذكريات، بل يقدم عروضاً عملية تثبت أنه ما يزال قادراً على العطاء، التمرير، التسجيل، والمنافسة في الاحتكاكات الثنائية كما لو أن الزمن لم يغير من سرعته أو عزيمته شيئاً.
لا يقتصر الإعجاب بما يقدمه متولي على الجمهور العادي فحسب، بل يمتد إلى المتخصصين الذين باتوا يصفون أداءه بـ”الدرس العملي” للاعبين الشباب، فحين يواجه أحد نجوم الجيل الجديد متولي، يصبح الاختبار عملياً وواضحاً: إن نجح في المرور من فخّ هذا المخضرم فقد برهن على أحقيته بالمطالبة بعقود كبيرة، وإن خفق فإن على الأندية ومسؤوليها إعادة النظر في مقاييس التقييم قبل تلبية مطالبٍ قد بثرت الميزانيات دون ما أساس فني واضح.
في سلوك احترافي نادر في مشهد يعجّ بالمطامح المالية، يواصل متولي حمل العبء عن فريقه اتحاد طنجة عبر إلتزام يومي ومردود ثابت، ما يجعل البعض يعتقد أن مسيرته لو أحسنَت إدارتها احترافياً كانت لتصبح أروع مما هي عليه اليوم، فقد توفرت لديه عناصر النجاح: المهارة، الخبرة، والقدرة على المواجهة البدنية والفكرية داخل المباريات، لكنه لم ينل دائماً الفرص أو التخطيط الذي يليق بمثل هذا المستوى على الصعيدين المحلي والخارجي.
من زاوية فنية، يمثل متولي معياراً يُحتذى للمدربين ومسؤولي الأندية عند تقييم اللاعبين الذين يطالبون بعقود ضخمة، المقارنة المباشرة أمامه تضع النقاط على الحروف: الأداء المستمر، العطاء التكتيكي، والالتزام البدني هي معايير لا تُشترى بالأرقام فقط، بل تُبنى بالعمل اليومي داخل الملاعب وخارجها، لذلك فإن منطق اختبار المطالبين بالعقود عبر معايشتهم على أرض الملعب أمام نموذج مثل متولي ليس ترفاً، بل ضرورة مهنية.
ويترك محسن متولي وراءه سؤالاً أخلاقياً ومهنياً يفرض نفسه على الساحة الكروية: هل نمنح الامتيازات المالية وفقاً للوعود التسويقية أم وفقاً لمعايير أداء صارمة ؟، إن كان الجواب مهنياً، فإن متولي يظل المعيار الحي الذي يجب أن يُعرض أمام كل من يطالب بالثروة قبل أن تُصرف خزائن الأندية.